أشهر سبب وراء إقلاع الأمهات مبكراً عن الرضاعة هو قلة أو جفاف لبن الثدي ، والحقيقة أن الشكوى من نقص إدرار اللبن وجفافه يمكن التغلب عليها عن طريق الإكثار من الإرضاع بالثدي مع شعور الأم بالثقة في قدرتها على إرضاع طفلها . لكن غالباً ما تنخدع الأم بدعايات ونصائح غير سليمة تروجها شركات الأغذية والعاملون الصحيون غير الأكفاء ، وبذلك تفقد الأم الثقة في قدرتها على الإرضاع .
الإرضاع من الثدي يعتبر أحد المشاركات المتميزة للأم تجاه المجتمع ، وهو يفوق في قيمته جميع الالتزامات المالية المخصصة لتطبيقه .
الرضاعة الطبيعية لا يمكننا تقييمها بالمال ، والمدافعون عن الإرضاع المطلق من
الثدي يطالبون بتفهم كامل لأهميته من قطاعات المجتمع .
المقاييس التجارية لا يمكنها أن تحدد قيمة ما تعبر عنه الرضاعة من حب وعطف ،
وأغلب الأمهات ينظرن إليها بفخر واعتزاز .
ومع هذا فإن إدراج لبن الأم على قائمة الموارد الغذائية للدولة يمكن أن يعمّق الإدراك بقيمته (9) ، ويوضح الحجم الحقيقي لما يقدمه كمصدر غذائي متجدد للأطفال ، وهذا يساعد المخططين على تفهم أهمية العمل على تشجيع ونشر الإرضاع الطبيعي .
في النرويج عام 1992 تم حساب إنتاج لبن الأمهات النرويجيات بحوالي 8.2 مليون لتر ، وهذا يعادل 410 مليون دولار بحساب أن سعر اللتر هو 50 دولار (مثلما تنفق المستشفيات النرويجية على شرائه) ، وعلى الرغم من أن إنتاج الألبان الصناعية مدرج في حساب معدل إنتاج الدولة العام فإن اللبن الطبيعي ليس مدرجاً فيه ، وهذا يؤدي إلى استنتاج خاطئ يوحي بانخفاض معدل إنتاج الدولة عندما يزداد الإرضاع الطبيعي .
متوسط الإنتاج السنوي للبن الثدي في عدة دول إفريقية هو 10 كيلو لكل أم (وهو يتراوح بين 8-17 كيلو) ، وبافتراض تقدير سعر اللتر من لبن الثدي بـ 1 دولار فقط ؛ فإن معدل الإنتاج العام للدولة سوف يزداد 1% في زيمبابوي ، 6% في مالي إذا أدرجناه في حسابات الإنتاج (11) .
معدل إنتاج لبن الثدي في أستراليا يتراوح بين 1.7-2.7 بليون دولار سنوياً حسب طريقة التقييم المستخدمة ، ولو تم تطبيق إعلانات مؤتمر (إينوسينتي) للطفولة فسوف يزداد إنتاج لبن الثدي بحوالي 3.4 بليون دولار ، وهذا يعادل 3.1% من معدل إنتاج الدولة أو40% مما تنفقه على الخدمات الصحية بها (9) .
·
لكل طفل يرضع من الثدي وحده لمدة 6 أشهر توفر
الحكومة الأمريكية
450-800 دولار من الإنفاق الصحي
· يكلف علاج الأمراض الناتجة عن الرضاعة الصناعية في الولايات المتحدة سنوياً 291 مليون دولار لعلاج الإسهال ، 225 مليون دولار لإصابات الرئة الفيروسية ، 660 مليون دولار لالتهابات الأذن الوسطى ، 10-125 مليون دولار لمرض السكري المعتمد على الأنسولين (13) .
· في أستراليا إذا زادت نسبة الإرضاع من الثدي وحده حتى عمر 3 أشهر من 60 إلى 80% فسيمكن توفير 11.5مليون دولار تنفق على علاج التهابات الأذن الوسطى وداء السكري والنزلات المعوية والحساسية (14) .
· في الهند إذا منعت الرضاعة الطبيعية المطلقة الإصابة بحالة إسهال واحدة لكل طفل سنوياً فإن ما سيتم توفيره يفوق كل ما تخصصه الدولة لرعاية أطفالها . انقطاع الطمث المصاحب للرضاعة مازال من أفضل وسائل منع الحمل هناك وقيمته تعادل نصف ما تخصصه الدولة لبرامج تنظيم الأسرة (15) .
فوائد الرضاعة الطبيعية
تفوق ما توفره من مال
البيانات الاقتصادية عن لبن الأم مفيدة في مواقف خاصة لإشعار المسئولين والمخططين بأهمية الرضاعة الطبيعية ، ولكن تتخوف حركة تفعيل الرضاعة الطبيعية العالمية WABA من أن الحسابات المادية المجردة تقلل من القيمة الرفيعة للبن الأم ، ففائدته المادية هي جزء يسير من قيمته الإنسانية . الإرضاع من الثدي يضمن التلامس الجسدي الدافئ بين الأم وطفلها ويزيد من الاهتمام المتبادل بينهما مما يقوي رابطة الأمومة ، لكن رضاعة القارورة لا تضمن ذلك .
وأهم من ذلك أنه ينبغي إدارة الحوار بحرص حول إنتاج لبن الأم وتأثيره على إنتاج الدولة ؛ حتى لا نخطئ ونقارن بين الأمهات والحيوانات الثديية .
ينبغي إطلاع المسئولين على أهمية الرضاعة المطلقة من الثدي وحده ، والحاجة إلى إنشاء الجمعيات الأهلية والنسائية لدعم الأمهات ومساعدة السيدات العاملات ، وضرورة سن قوانين تنظّم أساليب تسويق بدائل لبن الأم حتى لا تضر الرضاعة الطبيعية .
طوال 6 أشهر
الأولى من العمر يجب أن يرضع الطفل من الثدي وحده طالما كان وزنه يزداد بصورة
سليمة ، ولا ينبغي علينا إضافة الوجبات الصلبة قبل ذلك العمر (6) ، فهذه
الأكلات تستبدل لبن الأم الذي يعتبر أفضل غذاء لنمو الرضيع
أحياناً ينصح العاملون الصحيون غير المدربين بإدخال الوجبات الإضافية مبكراً
دون وعي منهم بأن نمو الأطفال الذين يرضعون طبيعياً يختلف عن نمو الأطفال كبار
الحجم الذين يرضعون صناعياً والذين تم تصميم منحنيات النمو الموجودة حالياً على
أساسهم .
نشرة أسبوع الرضاعة الطبيعية لهذا العام تقدم معلومات حول المزايا الاقتصادية للبن الأم ، وهي وسيلة مناسبة لتقييم الرضاعة من الناحية الاقتصادية ، وتؤكد WABA على أن التوفير المالي ليس هو الفائدة الوحيدة أو الكبرى التي نجنيها من لبن الأم .
الحقيقة أن الرضاعة الطبيعية هي حق من حقوق الإنسان خاصة الأم والطفل ، وينبغي علينا ألا نجعل الأم ضحية الاختيار الصعب بين عملها كأم أو عملها في أي مكان آخر ، ومن صالح المجتمع أن يدعم ويمول برامج تشجيع الرضاعة الطبيعية ، وأن يعتبر وقت الرضاعة هو وقت عمل هام ينبغي دفع أجره المالي ، بل تستحق عنه الأم التشجيع ؛ ففي مقاطعة كيوبيك بكندا قامت إحدى البرامج الاجتماعية منذ عام 1995 بدفع مكافأة مالية للأمهات اللاتي يخترن الإرضاع من الثدي .
الأمهات اللاتي يرضعن طبيعياً يجب علينا حمايتهن من دعايات وإعلانات أغذية الأطفال كما نصت على ذلك المدونة الدولية لقواعد تسويق بدائل لبن الأم .